حكم إضافة جوزة الطِّيب إلى الأطعمة

الحمد لله وحده، وصَلَّى الله وسَلَّم على مَن لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومَن اقتفى أثره واتبع سُنته إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعد: فإنَّ من رحمة الله سبحانه أنَّه أَحَلَّ الطيِّبات وكُلَّ ما فيه منفعة خالصة أو راجحة، وحَرَّم الخبائث وكُلَّ ما فيه مفسدة خالصة أو راجحة. وهذا المعنى الجامع هو قُطب الرَّحى الذي تدور عليه أصول كثيرة جاءت بها نصوص الشَّريعة في تدبير الصِّحة، وحفظ القوى الإنسانية من المرض والوَهَن، ودَفْع المضار عن البدن.
ولا شك أنَّ معرفة الطيِّب من الخبيث إن لم يكن منصوصًا عليه لا يَحصُل إلا بتجربة الشَّيء واختباره، ثم قياس تأثيره على بدن الإنسان، ومن المعلوم ضرورةً أنَّه ما من شيء يَدخل البدن إلا وله على البدن منفعة ومضرة، والقاعدة في الشريعة أنَّ ما غلبت منفعته وعائدته فيُحكَم له بالنَّفع ويصير من الطيبات، وإِنْ غلبت مَضرَّته وعِلَّته يُحكَم له بالضَّرر ويكون من الخبائث، كما قال الله تعالى في شأن تحريم الخمر والميسر: ﴿فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [البقرة: 219].
هذا وإنَّ من المطعومات ما يلتبس أمره، إمَّا لشدَّة غائلته في بعض الأحوال، أو تَرجُّح منفعته في أحوال أخرى، فيكون تقديره من المنافع أو المضار محلُّ بحثٍ عند الفقهاء، ومن تلك المطاعم ما يُسَمَّى بـ «جوزة الطِّيب»، وهي عشبة لم تُعرَف قديمًا؛ ولذا لم يَتكلَّم عن حكم تناولها أئمة المذاهب ومَن بعدهم( )، ولم تَصِر موضع نظر إلا عند المتأخرين من فقهاء المذاهب.
ونظرًا لدخول هذه العشبة في كثير من الصناعات الغذائية اليوم، واستخدامها في كثير من المطابخ في العَالَم، كَثُر سؤال النَّاس عنها من حيث حِلُّها وحرمتها في ذاتها، وحُكْم الأطعمة التي تضاف إليها.