إن تصوراتنا عن العالم من حولنا تتشكل بشكل كبير عن طريق استعارات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالجسد، أي إننا ننتج الأفكار ونفهمها عبر تجاربنا الجسدية في حياتنا اليومية، وأيضًا على حسب توافق المجموعة الواحدة على لفظة معينة، ولذلك يعد الجسد هو مركز التقاء العديد من الخبرات الإدراكية، وهو من يدرك الأشياء والآخرين والعالم. ويمتلك الإنسان مجموعة من الحواس والإدراكيات داخل الجسد وخارجه بالإضافة إلى القدرات العقلية كالذكاء، والتفكير، والتذكر، والانتباه، والتخيل، تجتمع كلها لتساهم في عملية التعليم والفهم والإدراك. وقد جاءت اللسانيات الإدراكية بوصفها جزءًا من الأنساق المعرفية التي تهتم بمنطق الاستعمال اللغوي والطريقة التي يتناول بها الأفراد معلوماتهم، وهي أيضًا تشير إلى النشاط أو الموقف الذي يوجد فيه الفرد وطريقة تصرفه في هذا الموقف، وهي بشكل خاص موجهة لفهم العقل الإنساني وعملياته ووظائفه المعقدة، ولذلك اهتمت اللسانيات الإدراكية بالعلوم التي يتعرف بها الإنسان من خلالها على العالم الخارجي باستخدام النشاط الحسي والحركي، والبحث في الكيفية التي يعمل بها العقل الإنساني ونقلها وفهمها من شخص لآخر.