أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أشهد بها مع الشاهدين وأتحملها عن الجاحدين وأدّخرها عند الله عدة ليوم الدين، وأشهد أن محمدا عبده المصطفى ونبيه المرتضى ورسوله الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أرسله رحمة للعالمين أما بعد: فمما لا مجال فيه للشك أن علم أصول الدين من أشرف العلوم وكيف لا وقد سماه أبو حنيفة - رحمه الله - بالفقه الأكبر، وله فيه رسالة توضح أصول العقيدة الإسلامية سميت بالفقه الأكبر، وسماه البعض بعلم النظر والاستدلال ومن أسمائه: علم التوحيد والصفات. ومسائله: الإلهيات والنبوات والسمعيات. أما عن نشأة علم الكلام فالبعض منهم يرى أنه علم نشأ في دولة اليونان قديما، ووفد إلى بلادنا فيما وفد إلينا من أفكار وآراء وفلسفات. بينما يرى البعض الآخر أنه علم جديد نشأ في دولة الإسلام، لتدافع بأسلحته الكلامية تلبيس المبطلين، وغارات المغيرين، وحقد الحاقدين على عقائدها الإيمانية. وقد كثرت المؤلفات التي اهتمت بعلم الكلام وكان من أبرزها كتاب (شرح المقاصد في علم الكلام) للتفتازاني وهو الذي يندر أن يكتب باحث في علم الكلام، أو العلوم العقدية، ولا يكون هذا الكتاب أحد المراجع الأساسية التي يستعين بها في بحثه. وكان شرحه للمكناسي والذي عنوانه (أشرف المقاصد في شرح المقاصد) من أهم الشروح. وهو شرح بديع لطيف اهتم فيه ببسط العبارة وتوضيحها، وفك الأقيسة وترتيبها، والتزم فيه التصريح والبعد عن الإشارة، وهذا يظهر جلياً من قوله عن شرحه: "لم أدخر فيه من البيان نصحا، فهو من الإيضاح والبيان شمس غوامضه، وفي التحقيق والتدقيق حجاب عوارضه.