(تحولات القضايا القومية في دراما الطفل في المسرح المصري المعاصر من عام 1990-2010م - دراسة في نماذج مختارة)

إنَّ المسرحية الموجهة إلى الطفل قد اهتمت بالقضايا القوميَّة؛ لأهداف عِدَّة، من بينها: تعزيز القيمة المعرفيَّة في نفوس الأطفال؛ ليصبح الطفل مخالطًا للمشكلات، ومواكبًا للأحداث داخليًّا وخارجيًّا على حد سواء، فالتوعيَّة بقيمة الوطن والدفاع عنه، والبحث عن الحريَّة، حاجة مُلِحَّة للأطفال، لأنهم بُناة المستقبل، وبالتالي يجب أن نقدم لهم مسرحًا ذا هويَّة وطنيَّة عربيَّة، فالثقافة الغربيَّة طغت على عقل الطفل، فأصبح الطفل مُغَيَّبًا عن التراث العربي العريق المُتَمَثِّل في حكايات الأبطال، وبناء الوعي الفكري للطفل، وتنميَّة الشعور بالانتماء، وتشجيع الطفل على الدور البطولي، وتثقيفه بالهويَّة العربيَّة، مع الأخذ في الاعتبار خصوصيَّة مرحلة الطفولة، وعلى ذلك فإن الكتابة الدرامية للطفل، قد تطورت تطورًا مهمًا من حيث الموضوع من خلال تأكيد الهوية القومية، وربط الطفل بقضاياه السياسية وبتاريخ أمته العربية، وتعميق القيم التاريخية الموغلة في القدم في نفس الطفل، وإن المسرحية الموجهة إلى الطفل التي تناقش قضايا الوطن داخليًّا وخارجيًّا، تثبت أن التاريخ يعيد نفسه، والواقع ما هو إلا صورة من الماضي؛ فمن خلالها يرسي الكاتب دعائم التكاتف والتعاون والوحدة والانتماء الوطني في نفس الطفل؛ فهو يحاول دائمًا من خلال استدعاء التاريخ أن يثبت للمتلقي أن لدينا تراثًا عريقًا وماضي مشرقًا، وتمثِّل قضية الصراع العربي الصهيوني، رؤية ناضجة في دراما الطفل، فالكاتب يدعو إلى التصدي للعدو، ويشير إلى دور الأطفال في ذلك، فيعتمد على التراث والتعمُّق في مضمونه الفكريّ والمعرفيّ وتفكيكه وبنائه من جديد لمناقشة قضايا الواقع، بواسطة الترميز والاسقاطات السياسية المناسبة لمرحلة الطفولة، وهذا له أثره في تشكيل وعي الأطفال؛ كما ربط الكاتب الدرامي بين التاريخ وواقع الطفل المعاصر، ونجح في معالجة مفهوم الحُريَّة والديمقراطيَّة للقارئ الصغير.